تهامة منكوبة بالفيضانات .. اكثر من 200 قرية منكوبة .. قرية الغزيرة تحكي جانب من النكبة
يمنات – خاص
اصبحت منطقة تهامة غرب اليمن منكوبة بالفيضانات، بعد اسبوعين من الهطول المطري شبه المتواصل.
ونكبة تهامة يصعب حصرها في تسجيلات مرئية او مصورة، بل ان ما هو حاصل على الارض يفوق التوقعات..
تهجير
في سهل تهامة هجر سكان مستوطنات ريفية، وما تزال كثير منها غارقة وسط مستنقعات مياه السيول الجارفة.
كثير من المساكن المبنية من القش والطين اختفت، ومعها ما يزال بعض قاطنيها في عداد المفقودين.
مأساة غير مسبوقة
تهامة التي تتوزع بين محافظات حجة والحديدة وتعز، تعيش مأساة غير مسبوقة، فالبنى التحتية صارت مدمرة، وبعضها سبحت مع تيارات مياه السيول الجارفة نحو المجهول.
المأساة في الارياف مضاعفة عما رايناه في المدن، حيث الاعلام الذي نقل جانب من المأساة.
انسان معدم وخسائر تفوق الوصف
المواطن التهامي في المستوطنات الريفية بات معدما، فالمزارع اغرقتها الفيضانات، المحاصيل اتلفتها السيول الجارفة، والاشجار المثمرة اقتلعت، وكثير من قطعان من الماشية نفقت.
آبار دفنت، ومضخات جرفت وخربت، ومنظومات طاقة شمسية خرجت عن الخدمة، وآلاف من اشجار النخيل والمانجو والموز وغيرها اجتثت من جذورها.
اراض خصبة خربت، وبعضها تحولت إلى مجاري للسيول، واخرى هبطت بفعل ضغط المياه الراكدة.
قصة خراب
تهامة التي تعد سلة غلال اليمن صارت تحكي قصة خراب غير مسبوقة للأرض، ونكبة انسان وجد نفسه معدما في لحظة تيهان وطن.
جهود الاغاثة القائمة لم ترتق إلى الحدود الدنيا مما ينبغي ان يكون، في ظل غياب الاستراتيجية الحكومية لمواجهة كوارث التغيرات المناخية، وصمت السلطة المحلية.
قرية تحكي جانب من النكبة
قرية الغزيرة الواقعة في مديرية الضحي، إلى الشمال الشرقي من مدينة الحديدة، عاصمة المحافظة، تحكي قصة نكبة تعيشها تهامة الارض والانسان.
اظهرت صورة نشرتها قناة اليمنية قرية الغزيرة وهي غارقة وسط مستنقع من مياه السيول، فيما لم يتبق من اعيانها العمرانية سوى هياكل مهترئة، واسوار ما تزال تقاوم وحيدة.
تقع قرية الغزيرة بالقرب من منطقة التربة على الطريق الاسفلتي الرابط بين مركز مديرية الضحي ومدينة الحديدة.
بدت القرية من خلال الصورة المرفقة وقد تحولت إلى مستنقع للمياه الراكدة، تسبح وسطه بقايا اعيان عمرانية، خالية من الانسان، الذي نجا بجلده هربا من الموت غرقا او جرفا.
صورة قرية الغزيرة تبدو مؤلمة للغاية، فالمنازل التهامية التقليدية دمرت بالكامل، لم تعد في القرية وجود لمساكن القش والطين، ومعها دمر الارث الثقافي المادي المرتبط بالبيئة.
جغرافيا مختلفة
بدت صورة القرية وكأنه لم يكن في المكان شيء من الارث الثقافي للبيئة التهامية، بل ان جغرافية المكان تغيرت، بتغير مظاهرها الجيومورفولوجية، لذهب معه تاريخ مورفولوجي شكلته عقود إن لم يكن قرون من الزمن.
لم يعد الزهب (قطعة الارض التي تضاهي الحقل) موجودا، ومعه اختفى الكابر (الساقية)، ولم نعد قادرين على التمييز بين الوادي والاراضي الزراعية.
طوفان غير جيومورفولوجية المكان
حل في المكان مظهر جيوموفولوجي جديد (مستنقع مياه راكدة)، طفت عليه بقايا اعيان عمرانية، وكأننا امام طوفان داهم المكان، ولم ينجو منه سوى بقايا اشرعة خشبية، لكنها لم تعصم الانسان من جوره.
سويت كل مظاهر سطح الارض في قرية الغزيرة، وتسيد المكان مظهر واحد هو المستنقع المائي.
قرى منكوبة
تفيد الاحصائيات غير الرسمية ان قرابة 250 مستوطنة ريفية نكبت بالفيضانات، تحولت بعضها إلى مستنقعات، وبعضها الآخر صارت اطلال تحكي مأسي متعددة، فيما بعضها الآخر وان بقي فيها حياة، فهي ليست اكثر من حياة انسان بدائي، لكنه لا يملك قوت يومه.
غرق الشوارع
وان كانت بعض الصور قد اظهرت شوارع مدينة الحديدة، حاضرة تهامة، وهي غارقة بالمياه، وقياسا على ذلك ستكون مأساة الريف التهامي مضاعفة، ليس مرة واحدة، وانما مرات متعددة.
ولك ان تقارن بين مدينة تملك بنية تحتية، بما فيها مجاري لتصريف مياه السيول، لكنها اصبحت غارقة بالمياه، وريف لا يملك من البنية التحتية سوى طرق ترابية ومجاري تقليدية لعبور السيول، وعمران اغلبه من القش، والطين والصفيح.
فشل تخطيطي
نكبة تهامة على قساوتها ومرارتها، ينبغي ان تكون درسا لا يجب ان تتكرر. نكبة تهامة هي شهادة فشل في التخطيط كتبت بالخط العريض امام السلطات.
التغيرات المناخية وغياب استراتيجة المواجهة
وامام هذه النكبة يتوجب على السلطات عاجلا وليس آجل أن تضع استراتيجية وطنية لمواجهة كوارث التغيرات المناخية، وعلى وجه الخصوص التطرفات المطرية.
ينبغي ان تولي السلطات الجانب التخطيطي دورا هاما في تحديد اتجاهات توسع المدن ورسم مسارات لنمو المستوطنات الريفية بعيدا عن مجاري السيول، فنكبة تهامة اليوم ليست نكبتها لوحدها، وانما هي نكبة للاقتصاد الوطني.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هناهنا